الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
هَلْ يُقْتَلُ شَارِبُ الْخَمْرِ بَعْدَ أَنْ يُحَدَّ فِيهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَمْ لاَ قال أبو محمد رحمه الله : الْخَمْرُ حَرَامٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ , وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ , فَمَنْ اسْتَحَلَّهَا مِمَّنْ سَمِعَ النَّصَّ فِي ذَلِكَ , وَعَلِمَ بِالْإِجْمَاعِ فَهُوَ كَافِرٌ , مُرْتَدٌّ , حَلاَلُ الدَّمِ , وَالْمَالِ فأما الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى فَصَحَّ أَنَّ الْإِثْمَ حَرَامٌ ، وَأَنَّ فِي الْخَمْرِ إثْمًا ، وَأَنَّ مُوَاقِعِهَا مُوَاقِعُ إثْمٍ , فَهُوَ مُوَاقِعُ الْمُحْرِمِ نَصًّا وَأَمَّا مِنْ السُّنَّةِ فَمَعْلُومٌ مَشْهُورٌ . قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ يُحَدُّ فِيهَا , ثُمَّ يَشْرَبُهَا , فَيُحَدُّ فِيهَا ثَانِيَةً , ثُمَّ يَشْرَبُهَا فَيُحَدُّ فِيهَا ثَالِثَةً , ثُمَّ يَشْرَبُهَا الرَّابِعَة فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُقْتَلُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ يُقْتَلُ. فأما مَنْ قَالَ يُقْتَلُ : فَكَمَا ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ ، هُوَ ابْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ أَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ قَالَ : ائْتُونِي بِرَجُلٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ فِي الْخَمْرِ , فَإِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ فَأَنَا كَاذِبٌ وقال مالك , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَغَيْرُهُمْ : أَنْ لاَ قَتْلَ عَلَيْهِ وَذَكَرُوا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ : فَوَجَدْنَا مَنْ رَأَى قَتْلَهُ : كَمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثنا أَبُو سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ عَنْ عَاصِمٍ ، هُوَ ابْنُ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا شَرِبُوا الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُمْ , ثُمَّ إنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ , ثُمَّ إنْ شَرِبُوا فَاقْتُلُوهُمْ حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ ذَكْوَانَ هُوَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إذَا شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ ذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا فَاقْتُلُوهُ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاقْتُلُوهُ. قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَانِ طَرِيقَانِ فِي نِهَايَةِ الصِّحَّةِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ آخَرَ لاَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا , وَلَوْ ظَفِرَ بِبَعْضِهَا الْمُخَالِفُونَ مِنْ الْحَاضِرِينَ لَطَارُوا بِهِ كُلَّ مَطِيرٍ : مِنْ ذَلِكَ مَا ناه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقَطِيعِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ ثَلاَثًا , فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ أَنَا جَرِيرٌ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاقْتُلُوهُ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاقْتُلُوهُ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ , إذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ سَكِرَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ. حدثنا أحمد بن قاسم ، حَدَّثَنَا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا هِشَامٌ أَنَا مُغِيرَةُ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ بْنِ عَبْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاضْرِبُوهُ , فَإِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ , فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ : هَكَذَا قَالَ عَبْدُ بْنُ عَبْدٍ وَعَبْدُ بْنُ عَبْدٍ أَوْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ : سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ قَالَ : هُوَ فُلاَنُ ابْنُ عَبْدٍ , كُوفِيٌّ , ثِقَةٌ , مِنْ قَيْسٍ , لَمْ يَحْفَظْ يَحْيَى اسْمَهُ قال أبو محمد رحمه الله : وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَوْسٍ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , وَأَبُو غُطَيْفٍ الْكِنْدِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبو محمد رحمه الله : وَأَقَلُّ مِنْ هَذَا يَجْعَلُونَ فِيمَا وَافَقَهُمْ نَقْلَ تَوَاتُرٍ , كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّينَ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ الْمُسْكِرِ , وَكَاعْتِمَادِ الْمَالِكِيِّينَ فِي إبْطَالِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ , وَغَيْرِ ذَلِكَ لَهُمْ كَثِيرٌ قال أبو محمد رحمه الله : فَكَانَتْ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ مُعَاوِيَةَ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , ثَابِتَةً , تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُونَ , فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ : مَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا عَمِّي هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا شَرِبَ الرَّجُلُ فَاجْلِدُوهُ , فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ , فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ , فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ , فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مِنَّا فَلَمْ يَقْتُلْهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ ثني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاضْرِبُوهُ , فَإِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ , فَإِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ , فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعَيْمَانَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْحَدَّ قَدْ رُفِعَ , وَأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ رُفِعَ : حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ لِشَارِبِ الْخَمْرِ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ , ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاقْتُلُوهُ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ , فَجَلَدَهُ , ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فِي الرَّابِعَةِ فَجَلَدَهُ وَوَضَعَ الْقَتْلَ عَنْ النَّاسِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ : قَدْ ، حَدَّثَنَا أَبُو إسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ لِمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ مِنْ وَافِدِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِهَذَا الْخَبَرِ يَعْنِي حَدِيثَ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ هَذَا. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ثني اللَّيْثُ ثني خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ , وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا , وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشُّرْبِ , فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ , مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَلْعَنُوهُ , فَوَاَللَّهِ مَا عَلِمْتُهُ إِلاَّ يُحِبُّ اللَّهَ وَيُحِبُّ رَسُولَهُ. وَذَكَرُوا الْخَبَرَ الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ : كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ , أَوْ زِنًى بَعْدَ إحْصَانٍ , أَوْ نَفْسٌ بِنَفْسٍ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقْتَلَ أَحَدٌ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْخَبَرِ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَوْ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ , وَالْحَنَفِيِّينَ , وَالشَّافِعِيِّينَ , احْتَجُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ فِي قَتْلِهِمْ مَنْ لَمْ يُبِحْ اللَّهُ تَعَالَى قَتْلَهُ قَطُّ , وَلاَ رَسُولُهُ عليه السلام : كَقَتْلِ الْمَالِكِيِّينَ بِدَعْوَى الْمَرِيضِ , وَقَسَامَةِ اثْنَيْنِ فِي ذَلِكَ وَقَتْلِهِمْ وَالشَّافِعِيِّينَ مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ , وَمَنْ أَقَرَّ بِفَرْضِ صَلاَةٍ وَقَالَ : لاَ أُصَلِّي. وَكَقَتْلِ الْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ , السَّاحِرَ. وَكُلُّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَكْفُرْ , وَلاَ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ , وَلاَ قَتَلَ نَفْسًا. فَهَذَا كُلُّهُ نَقَضَ احْتِجَاجَهُمْ فِي قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ , بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبو محمد رحمه الله : هَذَا كُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ. وَذَكَرُوا عَنْ الصَّحَابَةِ : مَا ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَلَدَ أَبَا مِحْجَنٍ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِي مَرَّاتٍ وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدٍ أَيْضًا وَكُلُّ ذَلِكَ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ , عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي نَسْخِ الثَّابِتِ مِنْ الأَمْرِ بِقَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ ; لأََنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَحَدٌ مُتَّصِلاً , إِلاَّ شَرِيكٌ الْقَاضِي , وَزِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ. وَأَمَّا حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ فَمُنْقَطِعٌ , وَلاَ حُجَّةَ فِي مُنْقَطِعٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الَّذِي مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْهُ فَمُنْقَطِعٌ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ ; لأََنَّهُ لَيْسَ فِيهِ , أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَتْلِ , فَإِذْ لَيْسَ ذَلِكَ فِيهِ فَالْيَقِينُ الثَّابِتُ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهُ لِلضَّعِيفِ الَّذِي لاَ يَصِحُّ , وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ ظَنًّا فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ جُمْلَةً. وَلَوْ أَنَّ إنْسَانًا يَجْلِدُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ بِقَتْلِهِ فِي الرَّابِعَةِ , لَكَانَ مُقْتَضَى أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِئْنَافُ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، وَلاَ بُدَّ ; لأََنَّهُ عليه السلام حِينَ لَفَظَ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَمَرَ فِي الْمُسْتَأْنَفِ بِضَرْبِهِ إنْ شَرِبَ , ثُمَّ بِضَرْبِهِ إنْ شَرِبَ ثَانِيَةً , ثُمَّ بِضَرْبِهِ ثَالِثَةً , ثُمَّ بِقَتْلِهِ رَابِعَةً هَذَا نَصُّ حَدِيثِهِ وَكَلاَمِهِ عليه السلام. فَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ حُجَّةً لَوْ بَيَّنَ فِيهِ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ بَعْدَ أَمْرِهِ عليه السلام بِقَتْلِهِ فِي الرَّابِعَةِ , وَهَكَذَا الْقَوْلُ سَوَاءٌ سَوَاءٌ فِي حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قال أبو محمد رحمه الله : فأما نَحْنُ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : إنَّ الْوَاجِبَ ضَمُّ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى , وَأَوَامِرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلِّهَا بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ , وَالأَنْقِيَادُ إلَى جَمِيعِهَا , وَالأَخْذُ بِهَا , وَأَنْ لاَ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا : هَذَا مَنْسُوخٌ إِلاَّ بِيَقِينٍ. برهان ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ , أَوْ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرْضٌ عَلَيْنَا الأَخْذُ بِهِ , وَالطَّاعَةُ لَهُ , وَمَنْ ادَّعَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَسْخًا , فَقَوْلُهُ مُطَّرَحٌ ; لأََنَّهُ يَقُولُ لَنَا : لاَ تُطِيعُوا هَذَا الأَمْرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى , وَلاَ مِنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاجِبٌ عَلَيْنَا عِصْيَانُ مَنْ أَمَرَ بِذَلِكَ , إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ جَلِيٌّ بَيِّنٌ يَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا الأَمْرَ مَنْسُوخٌ , أَوْ إجْمَاعٌ عَلَى ذَلِكَ , أَوْ بِتَارِيخٍ ثَابِتٍ مُبَيِّنٍ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ لِلآخَرِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّ قَوْلَنَا : هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ بِحِفْظِ دِينِهِ وَأَكْمَلَهُ , وَنَهَانَا عَنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ , فَلاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُرَدَّ نَصَّانِ يُمْكِنُ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا مِنْ الآخَرِ , وَضَمِّهِ إلَيْهِ , إِلاَّ وَهُوَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمَا بِيَقِينٍ , وَأَنَّهُ لاَ نَسْخَ فِي ذَلِكَ بِلاَ شَكٍّ أَصْلاً وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ نَسْخٌ لَبَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانًا جَلِيًّا , وَلَمَا تَرَكَهُ مُلْتَبِسًا مُشْكِلاً , حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ يُرَدَّ نَصَّانِ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَخْصُوصًا مِنْ الآخَرِ ; لأََنَّهُ أَقَلُّ مَعَانٍ مِنْهُ , وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِالأَعَمِّ , وَيَكُونُ الْبَيَانُ قَدْ جَاءَ بِأَنَّ الأَخَصَّ قَبْلَ الأَعَمِّ بِلاَ شَكٍّ فَهَذَا إنْ وُجِدَ فَالْحُكْمُ فِيهِ النُّسَخُ ، وَلاَ بُدَّ , حَتَّى يَجِيءَ نَصٌّ آخَرُ أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْ الْعَامِ الَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ. برهان ذَلِكَ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ الْخَلِيطَيْنِ قَدْ ذَكَرْنَا " فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الأَشْرِبَةِ " أَنَّ التَّمْرَ وَالرُّطَبَ , وَالزَّهْوَ وَالْبُسْرَ , وَالزَّبِيبَ , هَذِهِ الْخَمْسَةُ خَاصَّةٌ دُونَ سَائِرِ الأَشْيَاءِ يَحِلُّ أَنْ يُنْبَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادِهِ , وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُنْبَذَ شَيْءٌ مِنْهَا مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لاَ مِنْهَا ، وَلاَ مِنْ سَائِرِهَا فِي الْعَالَمِ. وَأَنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يُخْلَطَ نَبِيذُ شَيْءٍ بَعْدَ طِيبِهِ أَوْ قَبْلَ طِيبِهِ لاَ بِشَيْءٍ آخَرَ ، وَلاَ بِنَبِيذِ شَيْءٍ آخَرَ لاَ مِنْهَا ، وَلاَ مِنْ غَيْرِهَا أَصْلاً , وَأَمَّا مَا عَدَا هَذِهِ الْخَمْسَةَ فَجَائِزٌ أَنْ يُنْبَذَ مِنْهَا الشَّيْئَانِ وَالأَكْثَرُ مَعًا , وَأَنْ يُخْلَطَ نَبِيذُ اثْنَيْنِ مِنْهَا فَصَاعِدًا أَوْ عَصِيرُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا , وَبَيَّنَّا السُّنَنَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ , فَمَنْ شَرِبَ مِنْ الْخَلِيطِينَ الْمُحَرَّمَيْنِ مِمَّا ذَكَرْنَا شَيْئًا لاَ يُسْكِرُ فَقَدْ شَرِبَ حَرَامًا كَالدَّمِ , وَالْبَوْلِ , وَلاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ ; لأََنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ خَمْرًا , وَلاَ حَدَّ إِلاَّ فِي الْخَمْرِ. لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ وَلِلآثَارِ الثَّابِتَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ , وَلِقَوْلِهِ عليه السلام كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَمْرًا فَلاَ حَدَّ فِيهِ , وَإِنَّمَا فِيهِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ ; لأََنَّهُ أَتَى مُنْكَرًا. وَأَمَّا كُلُّ خَلِيطَيْنِ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ إذَا أَسْكَرَ فَهُوَ خَمْرٌ , وَعَلَى شَارِبِهِ حَدُّ الْخَمْرِ , لِمَا ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقَ. مَتَى يُحَدُّ السَّكْرَانُ أَبْعَدَ صَحْوِهِ أَمْ فِي حَالِ سُكْرِهِ قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّعْبِيِّ , أَنَّهُمَا قَالاَ : لاَ يُحَدُّ حَتَّى يَصْحُوَ , وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُجْلَدُ حِينَ يُؤْخَذُ. وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ قَالَ : يُؤَخَّرُ حَتَّى يَصْحُوَ إِلاَّ أَنْ قَالُوا : إنَّ الْجَلْدَ تَنْكِيلٌ وَإِيلاَمٌ , وَالسَّكْرَانُ لاَ يَعْقِلُ ذَلِكَ قال أبو محمد رحمه الله : وَاحْتَجَّ مِنْ رَأَى أَنَّ الْحَدَّ حِينَ يُؤْخَذُ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ عُتْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ , وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , وَغَيْرِهِمْ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالشَّارِبِ فَأَقَرَّ , فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يَصْحُوَ. وَالنَّظَرُ لاَ يَدْخُلُ عَلَى الْخَبَرِ الثَّابِتِ , فَالْوَاجِبُ أَنْ يُحَدَّ حِينَ يُؤْتَى بِهِ , إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لاَ يُحِسَّ أَصْلاً , وَلاَ يَفْهَمَ شَيْئًا , فَيُؤَخَّرُ حَتَّى يُحِسَّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فِيمَنْ جَالَسَ شُرَّابَ الْخَمْرِ , أَوْ دَفَعَ ابْنَهُ إلَى كَافِرٍ فَسَقَاهُ خَمْرًا قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ قَالَ : لاَ أُوتَى بِرَجُلٍ دَفَعَ ابْنَهُ إلَى يَهُودِيٍّ , أَوْ نَصْرَانِيٍّ , فَسَقَاهُ خَمْرًا إِلاَّ جَلَدْتُ أَبَاهُ الْحَدَّ. وَبِهِ إلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أُتِيَ بِرَجُلٍ صَائِمٍ دَعَا قَوْمًا فَسَقَاهُمْ الْخَمْرَ وَلَمْ يَشْرَبْ مَعَهُمْ فَجُلِدُوا الْحَدَّ , وَجَلَدَهُ مَعَهُمْ قال أبو محمد رحمه الله : لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُعْبَأُ بِهِ , وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنْ لاَ حَدَّ إِلاَّ عَلَى زَانٍ , أَوْ مُرْتَدٍّ , أَوْ مُحَارِبٍ , وَقَاذِفٍ , أَوْ سَارِقٍ , أَوْ مُسْتَعِيرٍ جَاحِدٍ , أَوْ شَارِبِ خَمْرٍ. وَأَمَّا مَنْ سَقَى غَيْرَهُ الْخَمْرَ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ ; لأََنَّ بَشَرَتَهُ حَرَامٌ , وَلَمْ يَأْتِ بِإِبَاحَتِهَا بِإِيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهِ , لاَ قُرْآنٌ , وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ , وَلاَ سَقِيمَةٌ , وَلاَ إجْمَاعٌ , وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ قال أبو محمد رحمه الله : لَقَدْ يَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْقَوَدَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُمْسِكِ إنْسَانًا حَتَّى قُتِلَ ظُلْمًا , وَمَنْ رَأَى الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ قِيَاسًا عَلَى الْقَذْفِ , وَمَنْ رَأَى الْحَدَّ عَلَى فَاعِلِ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ قِيَاسًا عَلَى الزِّنَى : أَنْ يَرَى الْحَدَّ عَلَى سَاقِي الْقَوْمِ الْخَمْرَ قِيَاسًا عَلَى شَارِبِهَا وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا فِي قِيَاسِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. مَنْ اُضْطُرَّ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ قال أبو محمد رحمه الله : مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ , أَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا لِعَطَشٍ , أَوْ عِلاَجٍ , أَوْ لِدَفْعِ خَنْقٍ , فَشَرِبَهَا , أَوْ جَهِلَهَا فَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا خَمْرٌ , فَلاَ حَدَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ. أَمَّا الْمُكْرَهُ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فَصَحَّ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لاَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا اُضْطُرَّ إلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ , أَوْ شَرَابٍ. وَأَمَّا الْجَاهِلُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ , وَلاَ حَدَّ إِلاَّ عَلَى مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ ، وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّهُ مَنْ دُسَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا وَهُوَ لاَ يَدْرِي مَنْ هِيَ يَظُنُّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ , فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَبَدَّلَهُ جَاهِلاً , فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى حَدُّ الذِّمِّيِّ فِي الْخَمْرِ قال أبو محمد رحمه الله : قَدْ بَيَّنَّا فِي مَوَاضِعَ جَمَّةٍ مِقْدَارَ الْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ الإِسْلاَمِ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا تَقْسِيمٌ لاَ وَجْهَ لَهُ ; لأََنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ , وَلاَ سُنَّةٌ , وَلاَ إجْمَاعٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد رحمه الله : جَائِزٌ بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ لاَ يُوقِنُ أَنَّهُ يُبْقِيه حَتَّى يَصِيرَ خَمْرًا , فَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ خَمْرًا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ مِنْهُ أَصْلاً وَفُسِخَ الْبَيْعُ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : وَمَنْ كَسَرَ إنَاءَ خَمْرٍ , أَوْ شَقَّ زِقَّ خَمْرٍ , ضَمِنَهُ ; لأََنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ , وَأَمْوَالُ النَّاسِ مُحَرَّمَةٌ , وَقَدْ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَحِلُّ , فَإِفْسَادُهُ إفْسَادٌ لِلْمَالِ. فإن قيل : إنَّ أَبَا طَلْحَةَ : وَجَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، كَسَرُوا خَوَابِيَ الْخَمْرِ قلنا : لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ أَنَّهُ عليه السلام عَرَفَ ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ شَقُّ الزِّقَاقِ لاَ يَصِحُّ ; لأََنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ طَلْقٍ , وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ , عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ نُكَيْلٍ هُوَ مَجْهُولٌ قال أبو محمد رحمه الله : وَمَنْ طَرَحَ فِي الْخَمْرِ سَمَكًا وَمِلْحًا فَجَعَلَهَا مَرْيًا فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى , وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ , لأَسْتِعْمَالِهِ الْخَمْرَ الَّذِي لاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا , وَلاَ تَحِلُّ فِي شَيْءٍ أَصْلاً , وَلاَ يَحِلُّ فِيهَا شَيْءٌ إِلاَّ الْهَرْقُ , فَإِنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ وَلِلْخَمْرِ رِيحٌ , أَوْ طَعْمٌ , أَوْ لَوْنٌ : هَرَقَ الْجَمِيعَ. وَهَكَذَا كُلُّ مَائِعٍ خُلِطَ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ إِلاَّ وَقَدْ اسْتَحَالَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَلاَ يَفْسُدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ , وَهُوَ حَلاَلٌ أَكْلُهُ , وَبَيْعُهُ. وَهُوَ لِمَنْ سَبَقَ إلَيْهِ مِنْ النَّاسِ , لاَ لِمَنْ يَطْرَحُ الْخَمْرَ فَمَتَى سَقَطَ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ , وَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ مِلْكَهُ : لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ إِلاَّ بِنَصٍّ , أَوْ إجْمَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|